الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية هل ساهم الاعلام التونسي في دعم الارهابيين؟

نشر في  18 نوفمبر 2015  (11:06)

اهتزّت تونس نهاية الأسبوع الماضي على وقع عملية إرهابية بشعة وفظيعة تمثلت في إقدام مجموعة إرهابية جبانة على ذبح الطفل الشهيد مبروك السلطاني الذي يبلغ من العمر 16 ربيعا أمام أنظار ابن عمه، وذلك أثناء رعيهما للأغنام بالمنطقة الجبلية سلتة 2 من جلمة التابعة لولاية سيدي بوزيد..
وفي هذا السياق ندّد ملاحظون بكيفية تعاطي وسائل الإعلام التونسية مع قضايا الإرهاب، وهناك من تحدث عن عدم تمرّسها بالشكل الكافي واتهمها بنقص الخبرة في التعاطي مع مثل هذه المسائل الحساسة بل هنالك من وصل إلى حدّ اعتبار أنّ الإعلام في تونس يساهم عبر نشره معلومات حساسة بشكل غير مباشر في مساندة الارهابيين..
وعلى ضوء هذه الإتهامات اتصلت أخبار الجمهورية بمختصين في هذا المجال فكانت الورقة التالية...

سفيان بن فرحات: أنزّه السواد الأعظم من أهل القطاع

استنكر الإعلامي والمحلل السياسي سفيان بن فرحات، كلّ الأقاويل التي تعتبر وسائل الإعلام مدانة في طريقة تعاطيها  مع الإرهاب، قائلا إنّ هذا الكلام ضرب واستهداف مباشر للإعلام والإعلاميين الذين هم أنفسهم معرضون إلى تهديدات بالقتل والتصفية من قبل المجموعات الإرهابية..
واعتبر بن فرحات أنّ الإعلام في تونس كان أوّل المتحدّين لهذه الآفة عبر التحسيس الدائم لها ومناهضتها رغم أنّ ممتهني الصحافة يعيشون على خطّ النار وهو ما أثبتته التهديدات الإرهابية تجاه العديد من أصحاب هذا القطاع ، مشيرا إلى أنّ مواقف الإعلاميين مشرفة جدا ما عدا بعض المواقع التي تدعم بصفة غير مباشرة الإرهابيين والتي يعتبرها محدثنا لا تمت بأي صلة إلى هذا القطاع النزيه..
من ناحية أخرى جدّد الإعلامي تأكيده أنّ الإرهاب لم يستطع خرق الإعلام إلى حدّ اليوم، ولطالما كان مناهضا لهذا الفكر الظلامي المتحجّر ومدافعا شرسا عن الوطن وقيم المدنية والحريّة هذا إلى جانب لعبه دورا جوهريا في الحدّ من خطورة ظاهرة الإرهاب...

زياد الهاني: التواطؤ مع الإرهاب خط أحمر

بدوره اعتبر الإعلامي ورئيس المنظمة التونسية لحماية التونسيين زياد الهاني أنّه مع بداية حدوث كل عمل إرهابي تظهر مجموعة من الأطراف التي تحاول التشويش على مسار التحقيقات المتعلقة بالقضايا الإرهابية وكذلك على المشهد العام ككل بهدف إبعاد الأنظار  المركزة على آفة الإرهاب وحواضنها..
وقال إن الأداء الإعلامي مازالت تشوبه بعض الأخطاء في تعاطيه مع القضايا الارهابية لكن هذا لا يمنع من التصريح بأنّه تطور بشكل كبير خلال السنوات الاخيرة. في المقابل شدّد زياد الهاني على ضرورة متابعة ومقاضاة أي صحافي أو وسيلة إعلامية يتضّح بالكاشف تواطؤها مع الجماعات الارهابية أو مدها بمعلومات مشيرا إلى أنّ هذا يدخل أيضا في إطار مهمة منظمته القانونية المذكورة..

صافي سعيد: الإرهابيون يملكون من الوسائل الحديثة ما لايمتلكه الإعلام والأمن..

أمّا المحلل السياسي صافي سعيد  فقد استنكر «تقاعس» الدولة التونسية في اتخاذ سياسة إعلامية تتعلّق بموضوع مكافحة الإرهاب، قائلا إنه كان من المفروض أن تلجأ الدولة إلى اتخاذ مثل هذه الإجراءات وهي في حرب ضد هذه الأفة الخطيرة..
وأضاف قائلا:» في فرنسا مثلا عندما يحدث عمل إرهابي أو إجرامي تجد كل الأطراف تدلي بمواقفها وتدلي بتصريحاتها مهما كان اختلافهم في الاراء أوالافكار، على عكس ما يحدث في تونس..» واعتبر في المقابل أن الإرهابيين ليسوا في حاجة إلى وسائل الإعلام حتى حتى يتحصّلوا على المعلومة أو الخبر لأنهم يمتلكون من الوسائل التكنولوجية الحديثة ما يفتقده حتى وسائل الإعلام ورجال الامن أحيانا على حدّ تعبيره..

حسن بن عثمان: يجب الحزم في ضرب العابثين..

أمّا الإعلامي حسن بن عثمان فقد اعتبر أنّ تونس في مرحلة تخبّط إعلامي واضح اختلطت بها الأوراق واتضّح أنّ بعض وسائل الإعلام ليست متمرّسة بما فيه الكفاية في تعاطيها مع قضايا الإرهاب، معربا عن تمنيه بأن يبتعد جزء من الإعلام عن كل المسائل التي تتعلّق بالإرهاب..
في سياق متصّل شدّد حسن بن عثمان على ضرورة «الضرب» بحزم على ألسن كل العابثين بمصلحة الأمن الوطني من الذين يستهينون بخطورة الظاهرة الإرهابية، مشيرا إلى أنّ قطاع الإعلام ما زال إلى حدّ اليوم لا يعلم من هو الطرف الحقيقي الذي يشرف عليه..

سفيان بن حميدة: إعلامنا لم ينضج بعد في تغطيته لقضايا الإرهاب...

من ناحيته شدّد الإعلامي سفيان بن حميدة على ضرورة الفصل بين القضايا قائلا في تفسيره إنّ الجماعات الإرهابية ليست في حاجة إلى وسائل الإعلام لتهديد الأهالي المتساكنين في المناطق القريبة من الجبال..
وأضاف بن حميدة أنه بات من المعروف لدى الارهابيين أنّ هنالك عددا من الأهالي لسبب أو لآخر سواء كان بواجب وطني أو مهني يتعاملون مع أجهزة الدولة، وبالتالي فالارهابيون ليسوا بحاجة لوسائل الاعلام حتى يأخذوا احتياطات إضافية من الأهالي معتبرا أنّ الأخطر من ذلك أنّ هؤلاء الإرهابيين لهم نزعة عدائية للوطن ولكلّ التونسيين جميعا ويعتبرونهم أعداء بما في ذلك المتساكنين في المناطق الجبلية ..  
في المقابل لم يعتبر هذا الإعلامي أنّ ما قاله يصب في خانة تبرئة الإعلام، حيث اعتبر أن هنالك العديد من الأخطاء المهنية التي ترتكبها وسائل الإعلام في تعاطيها مع قضايا الإرهاب إلى جانب عدم احترامها للمبادئ الاخلاقية البسيطة تجاه الذات البشرية على غرار بث القناة الوطنية الأولى لصورة رأس الطفل الشهيد مبروك السلطاني وهو موضوع وسط ثلاجة غرفة أمه..
وقال إنّ ما فعلته التلفزة الوطنية هو تجسيم لهذه الإخلالات بشكلها الأكثر قسوة والأكثر بذاءة وهو ما يعني أنّ الإعلام الوطني ما زال يحتاج إلى تدريب وتأهيل في التعامل مع الإرهاب حتى لا يكون متواطئا معه، معتبرا أنّ ما بدر من أحد مراسلي إحدى الإذاعات بتحدّثه أثناء تغطيته لأحداث باردو الإرهابية عن هروب مجموعة من السيّاح من نافذة بالمتحف غير مقبول ويدخل في إطار التواطؤ وليس الإعلام على حدّ تعبيره..
وشدّد على ضرورة عدم إرسال وسائل الإعلام لأيّ كان إلى مناطق العمليات لتغطية الأحداث الإرهابية لأنّ ذلك يستوجب مهنية وحرفية ومعرفة تختلف عن مجالات التغطية الأخرى، نظرا لحساسية الموضوع..   

صلاح الدين الجورشي: يجب التركيز على هذه الجوانب الثلاثة...

أمّا المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي فقد اعتبر أنّ وسائل الإعلام في تونس لم تبلغ إلى حدّ الأن المستوى الضروري لتغطية الظاهرة الإرهابية رغم حصول بعض التحسّن المسجّل لدى عدد من وسائل الإعلام..
وقال إنّ الذي يطغى على عموم ما يكتب أو يشاهد هو ملاحظة استمرار بعض الوسائل الإعلامية في الرغبة في الإثارة والسبق الإعلامي ممّا أضرّ بالموضوعية المطلوبة في مثل هذه المعركة، مشددا على ضرورة التركيز على ثلاثة جوانب خلال عملية التغطية الإعلامية وهي كالتالي:
1 ـ دقة المعلومات
2 ـ عدم الإضرار بالمصلحة الوطنية في بعض الحالات
3 ـ عدم التورّط في تبسيط هذه الظاهرة واختزالها بشكل من شأنه أن يؤدي إلى نقيض الهدف الإعلامي
فيقع البعض في عنصر الإثارة أو بثّ الرعب في صفوف المواطنين وذلك من أجل الحصول على أكثر عدد ممكن من القراء أو المشاهدين..
وفي ختام مداخلته أكد الجورشي وجوب تنظيم دورات إعلامية خاصة في كيفية تغطية الأحداث الإرهابية والتعاطي معها..

اعداد: منارة تليجاني